صاحب نظرية "امنحني وظيفة ولا أريد شيئا آخر" وزيرا للمالية

اثار اسم الدكتور سمير رضوان، وزير الماليه الجديد، جدلا واسعا في الاوساط المختلفه عقب توليه المنصب في 31 من يناير الماضي خلفا للدكتور بطرس غالي، في اطار استجابه الرئيس مبارك لمطالب "مظاهرات الغضب" التي انطلقت في 25 من يناير. رضوان احد الوجوه الرئيسيه المعروفه في لجنه السياسات التابعه للحزب الوطني، وهو امر قد يرفضه البعض، لكن هو شخصيه مشهود لها بالخبره والكفاءه، بل والنزاهه ايضا.
وفور تولي رضوان لمهام منصبه وجه رساله للمتظاهرين المصريين وطلب منهم عدم تعريض امن ورخاء بلادهم للزعزعه من اجل تحقيق مكاسب قصيره الاجل. قال رضوان "كيف يمكننا ان نرسل رساله حقيقيه لهؤلاء الناس مفادها ان مطالبهم عادله، واننا نهتم لها؟، لكننا في الوقت نفسه لا ينبغي لنا ان نجازف، اننا في حاجه الي استخدام النفقات العامه لتحقيق نوع من العداله الاجتماعيه، وتوزيع افضل لثمار النمو، الي نسبه 40% من سكان البلاد الذين يعيشون تحت خط الفقر".
يملك رضوان رؤيه اقتصاديه جاده وواضحه، تجلت في العديد من الدراسات التي اجراها، ففي الوقت الذي ارتفعت فيه الاصوات مطالبه بحد ادني للاجور يقدر بـ1200 جنيه، وحددت الحكومه المصريه 400 جنيه كحد ادني، خرجت دراسه مجلس امناء هيئه الاستثمار، وكان رضوان واحدا ممن اعدوها، لتوصي بان يكون الحد الادني للاجور موازيا لخط الفقر في مصر، الذي يصل الي 1968 جنيه سنويا للفرد، وعليه لا بد ان يصل الحد الادني للاجر الي 656 كدخل للاسره شهريا، باعتبار ان متوسط عدد افرادها 4 اشخاص.
وفي احدي دراساته الاخري التابعه لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، التي صدرت نهايه العام الماضي، واشار رضوان فيها الي ان الحد الادني للاجور الذي حدد بـ35 جنيه شهريا لم تتم مراجعته منذ عام 1984 حتي الآن، وان الاجور في مصر تتميز بثبات ملحوظ، بل وفي بعض الاحيان بانخفاض معدل التغير، وان الفجوه بين التغير في معدل الاجور وبين التغير في الناتج المحلي الاجمالي تزداد اتساعا، كما وصف في دراسته، اوضاع الاجور في مصر بانها "الفوضي الشامله بعينها" وتوصل فيها الي ان الفارق بين ادني واقصي اجر في الجهاز الحكومي يصل الي 30 ضعفا، واشار ايضا في تلك الدراسه الي تراجع بند الاجور من الناتج المحلي الاجمالي من حوالي 36.2% في 1981/1980 الي 25.4% في 2007/2006 باتجاه نزولي.
وقد اقترح رضوان نظاما قوميا للاجور يمكن من خلاله ربط الاجر بالمتغيرات الاخري وخاصه الانتاجيه، وخلق نظام يكفل الاجر اللائق للعاملين حيث يمثل الاجر من 45% الي 100% من مصادر رزق فئات الدخل المنخفض، وان يرتبط الاجر بوظيفه محدده علي اساس التصنيف الدولي للمهن، الامر الذي يتطلب وضع حد ادني للاجور لا يقل عن 656 جنيه، واصلاح هيكل الاجور، خصوصا ان متوسط الاجر الاساسي لا يمثل سوي 27% من اجمالي الدخل وتعكس الـ73% المتبقيه حشدا من الاضافات والخصومات للوصول الي الاجر، الذي يحصل عليه العامل فعلا، وذلك باعتماد المقترح الذي ينبني علي التجارب الدوليه هو ان تضم كل الاضافات الحاليه الي الاجر الاساسي ويكون مجموعها هو الاجر الاساسي الجديد، الذي تنسب اليه التامينات الاجتماعيه وغيرها، فيصبح لكل وظيفه اجرا اساسيا مرتبط بها، وتقتصر الزياده السنويه علي نوعين فقط، اولهما الحفاظ علي مستوي الاجر الحقيقي في مواجهه التضخم، والثانيه الحوافز التي تمنح فقط للمجيدين في عملهم وليس لجموع العاملين.
ولما كان رضوان مهتما في الاساس بمجالات التنميه وسياسات التشغيل فقد شجع ثلاثيه الاستثمار والتشغيل والنمو، التي ارسي دعائمها الاقتصادي الهندي امارتياسن، لخروج مصر من ازمتها الاقتصاديه في احدي كتاباته، مؤكدا ان الاستثمار في حد ذاته غير كاف طالما لم يؤد الي خلق فرص عمل علي نطاق واسع، وحينها يصبح التشغيل في حد ذاته ليس هدف، لكن يعطي العامل قدرا من التمكين، اذ ان الدخل الناتج عن التشغيل يعطي صاحبه القدره علي الحصول علي السلع والخدمات التي يحتاج اليها، وبذلك يشبع احتياجاته من ناحيه ويدفع عجله النمو من ناحيه اخري.
واشار الي ان النمو السريع والاداء الاقتصادي غير المسبوق الذي شهدته مصر قبل 2004/2008 لم يصاحبه احساس لدي المواطن العادي بثمار هذا الاداء، وارجع هذا الي ان النمو السريع قد حدث في القطاعات الاقل تشغيلا، وان اعدادا كبيره من قوه العمل المصريه لم تستطع حصد ثمار النمو، لانها تستحوذ علي مستوي تعليم بسيط او تنتمي الي القطاع غير المنظم "منخفض الانتاجيه ومنخفض العائد".
رضوان الذي اعلن مرارا ان الرؤيه الاقتصاديه في الدوله جيده، لكنها لا تملك اراده حقيقيه في التنفيذ، الذي طلب نسف كلمه "الاصلاح" تماما وبناء رؤيه وقاعده عمل جديده، وان الهدف الاسمي للسياسه الاقتصاديه والاجتماعيه هو تحقيق التشغيل الكامل، هو ذاته عضو امانه السياسات واحد المدافعين بشده عن جمال مبارك نجل الرئيس وامين لجنه السياسات.
تخرج رضوان من جامعه القاهره عام 1970 من كليه الاقتصاد والعلوم السياسيه، وحصل علي الدكتوراه في الاقتصاد من كليه الدراسات الشرقيه والافريقيه في جامعه لندن، وعمل لمده 28 عاما في منظمه العمل الدوليه، ثم عاد الي مصر عام 2003 ليشغل منصب المدير التنفيذي لمنتدي البحوث الاقتصاديه للدول العربيه والتركيه، وفي عام 2004 التحق بعضويه الامانه العامه للحزب الوطني وعضويه مجلس امناء هيئه الاستثمار، و مستشار هيئه الاستثمار، ثم عمل مستشارا للهيئه العامه للرقابه الماليه ورئيس معهد الخدمات الماليه مؤخرا.
كما عمل مستشارا في العديد من المؤسسات المصريه والمنظمات الدوليه من بينها المركز القومي للتخطيط وبرنامج التشغيل العالمي بلندن، وقام بالتدريس في مؤسسه الاحصائيات الاقتصاديه بجامعه اكسفورد بانجلترا، وتم تعينه في مجلس الشعب الاخير واختير رئيسا للجنه الاقتصاديه في المجلس، وهو احد الاقتصاديين العرب المتخصصين في مجال التنميه وسياسات التشغيل، وكان متوقعا ان يشغل منصب وزير الاستثمار خلفا للدكتور محيي الدين، الا ان الظروف الراهنه اتت به وزيرا لوزاره الماليه.