Admin Admin
عدد المساهمات : 342 نقاط : 1021 الرتبة : 15 تاريخ التسجيل : 19/02/2011 العمر : 49
| موضوع: الانتقام من مبارك الخميس أبريل 14, 2011 9:31 pm | |
| مشاعر متناقضة انتابتنى منذ الأمس، مع إعلان خضوع الرئيس السابق وولديه جمال وعلاء للتحقيق واقتراب محاكمتهم، امتزج فيها الارتياح والفرح بالحزن والانقباض.
سألت نفسى: ألم تكن المحاسبة والمحاكمة لجميع المسئولين الفاسدين والمفسدين أحد المطالب التى تكتب وتنادى بها؟ ألم تكن عبارة مرفوعة عاليا على إحدى اللافتات التى حملتها مثل الآلاف فى ميدان التحرير؟ لماذا هذا الاضطراب إذن؟ ولماذا يختلط داخلك الارتياح والفرح مع الحزن والانقباض؟
الشعور بالارتياح والفرح مفهوم ويتعلق باقتراب طى صفحة هذا النظام ورموزه، ومحاسبتهم على ما اقترفوه، كما يمثل إعلان نجاح للثورة التى ضغطت، حتى تتحقق العدالة ويتساوى الجميع أمام القانون ويعرف المسئولون أن مصر ليست عزبة ولا أهلها أقنانا وعبيدا ُيمتلكون وُيورثون.
الحزن والانقباض هنا لا يتعلقان بمحاكمة جمال وعلاء ولا حتى بمحاكمة مبارك نفسه، فهو يستحق أن يخضع للتحقيق والمحاكمة العادلة لبيان مدى مسئوليته عن قتل المتظاهرين وتجويع الشعب المصرى وتركيعه بسياسة الاحتكار والفساد وسوء استغلال النفوذ والكسب غير المشروع، إلى آخر قائمة الاتهامات الموجهة إليه، لكن الأمر يتعلق فى جانب منه بالقيمة التى يمثلها الرئيس المصرى وفى جانب آخر بالمأساة التى يجسدها شخص مبارك نفسه وفى جانب ثالث بما نريد نحن كمجتمع أن نبنى عليه العهد الجديد المنشود.
أما عن القيمة التى يمثلها شخص الرئيس، فأعتقد، وأنا كنت ومازالت أطالب بمحاكمة عادلة لمبارك، بضرورة أن نحافظ عليها ليس حبا فى مبارك ولا شفقة عليه، ولكن لأننا لسنا الرومانيين الذين مزقوا تشاوشيسكو وزوجته ولسنا العراقيين الذين سحلوا وأعدموا أكثر من رئيس لهم فبقى ميراث الدم فى الأفئدة والأرواح، لم يتخلص منه الجميع جيلا بعد جيل.
الجانب الثانى مما أعانيه من انقباض وحزن يتعلق بالتحولات المأساوية التى مر بها هذا الرجل "مبارك" فهو بكل المقاييس وحسب شهادات المعاصرين له ،كان ضابطا نابها مخلصا قدم لبلده خدمات جليلة وكان رئيسا مشهودا له خلال السنوات العشر الأولى من حكمة لكنها السلطة المطلقة التى تضرب بصيرة وقلب المتسلط فتعميه عن دروس التاريخ وعن حركة الواقع، ولا يفيق إلا والأرض تميد تحت قدميه فتأخذه العزة بالإثم ويتملكه الكبر والرفض حتى ينتهى إلى مصيره الذى نراه عليه الآن، تجربه تستحق أن نأسف لها وعليها لأنها لم تستمر فى مسار التفانى والاجتهاد وخدمة الوطن وانحرفت إلى التسلط وسوء استغلال النفوذ.
أما الجانب الثالث ، فيتعلق بالرغبة فى الانتقام التى ألمحها فى تصريحات و أحاديث كثيرين ممن ينشدون القصاص والعدالة، وهذا هو أخطر ما فى الموضوع، فالانتقام يطال من أرواحنا ومن سلامتنا جميعا بقدر ما يحقق لنا تصورنا عن العدالة، إياكم أن تصدقوا للحظة أنكم ستشعرون بالارتياح الكامل وأنتم تعدمون مبارك كما عبرت من ذلك صورة على أولى صفحات جريدة أسبوعية، إياكم أن تتصوروا أن الانتقام من مبارك لن يترك أثره على علاقاتنا المجتمعية وعلى ميلنا إلى العنف ولجوئنا إلى القسوة، سنكتشف أننا أصبحنا أكثر غلظة وبطشا، وأن جزءا جميلا منا قد تحجر وجفت فيه المشاعر!
هل أقف بمشاعرى المتناقضة هذه فى خندق المدافعين عن مبارك؟ بالقطع لا، فأنا أريد له محاكمة عادلة، لكن لا أريد له الذلة والمهانة لأن بعضها سيلحق بنا نحن، أريد له أن يرد كل مليم حازه بدون وجه حق، ولا أريد له عدالة ناقصة، أريد له أن يدان بالحكم القضائى إذا رأى القضاء ذلك، ولكن لا أريد أن يقضى سجنه بين اللصوص والمجرمين، أريد له أن يعيش مدانا بجرائمه إذا قالت بذلك المحاكمة، لكن أود أن يكون خيارنا نحن الذين ثرنا عليه ، هو المطالبة بأن يقضى بقية عمرة داخل منزل يحرسه الجنود لا يخرج من إلا إلى قبره، ففى ذلك نوع من رأب الصدع الذى بدا يلوح بين الأغلبية الثائرة وقلة ممن يعلنون تعاطفهم وولاءهم لمبارك ، كما أن فيه تأكيداً لقيمة التسامح التى نملكها نحن المصريين وما نتميز به من قديم الأزل ،وفى ذلك أيضا، عبرة وعظة لكل رئيس مقبل، و حفاظا على مقام الرئيس أود أن نلتزم به
لا أدرى هل هذه الكلمات تنطبق مع المفاهيم الراسخة للعدالة وسياسة القانون أم أنها مجرد مشاعر تخشى من اختلاط روح الانتقام بالقصاص ، ففى القصاص لنا حياة ، بقدر ما فى الانتقام من انتقاص وتشويه لهذه الحياة ، هل استطعت أن أوضح الفارق بينهما؟ هل نحتاج حوارا مجتمعيا حتى نحمى أنفسنا من إغواء ومخاطر الانتقام ؟ ربما | |
|
qw مؤهل للاشراف
عدد المساهمات : 202 نقاط : 307 الرتبة : 10 تاريخ التسجيل : 22/03/2011 العمر : 37 الموقع : في بيتنا
| |