السلام عليكم
موضوع استوقفني وتأملته مليا وأنا أقرأ
وأحببت نقله لطرحه للنقاش
فشاركونا آرائكم :

حين تصرخ المراهقة: أريد الزواج!!

ريم سعيد آل عاطف
2011-05-07
ــ
تلتفُّ طالبات (الأول الثانوي) حول زميلتهن التي ترتفع نبرة شتائمها
ولعناتها!. تتعالى أصواتهن، ضحكاتهن، وكلٌ منهن تدلي بدلوها حول موضوع
سارة!.
سارة الغاضبة التي تسبُّ والدها وجدتها لأمها لأنهما رفضا الخاطب الذي تقدم لها بالأمس، لمجرد أنه يكبرها بخمسة عشر عاما!!
ــ تُهنّئ الجارة جارتها ثم تهمس لها معاتبة: كيف ستزوجينها قبل أختها
الجامعية؟ 16 سنة صغيرة!.. تجاوبها والحزن باد على وجهها: وماذا تريدينني
أن أفعل، حاولت أن أقنعها بإكمال دراستها، وأنها ما زالت صغيرة فضايقتها
نصائحنا وأصرت على موقفها بالقبول بالزواج.
مشهدان معبّران فقط ولو أردت أن أبلغ بكم أقاصي العجب والدهشة لسردت لكم
المزيد! ليس من خيالي أو مما أسمع، بل من الأحداث في محيطي القريب مني.
عالم المراهقات هذا العالم الذي انقسمنا حوله إلى طرفين متضادين تاركين
منطقة الوسط، فما بين ناظر لهؤلاء المراهقات على أنهن أولئك الصغيرات
البريئات غير المؤهلات لاتخاذ أي قرار، العاجزات عن تحمل أية مسؤولية عن
سلوكياتهن، لذا فهن في استثناء دائم عن أية متابعة أو محاسبة. أو ناظر
إليهن نظرة التشدد والجفاء، من منطلق فكر يعتبر المراهقة شرا محضا وآفة
كامنة لا سبيل للتعامل معها إلا بالغلظة والتضييق.
هذه المرحلة التي يُتحدث عنها كثيرا، ويُكتب فيها أكثر، بشكل علمي نظري.
ولكن من النادر جدا أن يتم الاقتراب العملي الحقيقي من هذه الفئة، وملامسة
واقعها وتناوله بالكثير من الوضوح والمكاشفة والاهتمام.
عالمٌ مُتخم بالتقلبات والمتناقضات، ومزدحمٌ بالمشاعر والأحلام والأفكار
والهموم. وللأسف لا يجد المراهقون الرعاية المطلوبة والحرص الواجب تجاههم،
ولا يلقون ذات العناية بحقوقهم كحال فئات أخرى في المجتمع «الطفل أو
المرأة أو كبار السن...». لذا فلا عجب أن نلحظ تفاقما لمشاكل المراهقين
وتمردهم وانحرافهم وتحولهم إلى خطر يقلق مجتمعاتهم. الكل يعترف بوجود هذا
التدني القيمي لدى جيل المراهقين وانعكاس آثاره ونتائجه كسلبيات وسلوكيات
تضرُّ بالمراهق ومن حوله، ولكننا ما زلنا غير صادقين بالمبادرة في
انتشالهم من هذا الطوفان الجارف «الإعلام الفاسد» وتأثيرات الغزو الفكري
والعولمة في اضطراب شخصياتهم، وإلغاء هويتهم وثقافتهم العربية الإسلامية.
ما زلنا مقصرين في احتضانهم، وتوفير البيئة الصحية القوية التي تبنيهم
وتتبناهم.
أعود الآن لحصر موضوعي في نقطة أضيق، وهي زواج المراهقات، ولعلّ الموقفين
المذكورين في مطلع المقال يحملان بعض الدلالات لما أود الوصول إليه.
وهو أن النقاش يتكرر بين فينة وأخرى عن وجوب استصدار قوانين ترفع سن
الزواج، أو تجرّم الزواج المبكر، بحجة أن الفتاة تحت العشرين أو الثامنة
عشرة غير مهيأة نفسيا ولا صحيا للزواج والحمل والولادة، وأن الارتباط
المبكر عرضة أكثر من غيره لاحتمالات الانهيار والطلاق.
وقد استوقفني هذا الخبر: «تبذل السلطات الماليزية مجهودا كبيرا لتشجيع
المراهقين على الزواج، بهدف الحد من الأمراض الاجتماعية المرتبطة
بالعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، خاصة في سن المراهقة. وضمن حملة
التشجيع على الزواج ستقدم الحكومة دورات تأهيلية وحوافز مالية، وستعمل على
تسهيل تملك البيوت، كما ستقدم مساعدات شهرية للزوجين».
لذا أقول إن كان الإسلام يجيز زواج البالغة القادرة (مع حفظ وضمان
حقوقها)، وإن كنا نرى من مراهقات اليوم من هي أكثر انفتاحا وجرأة ورغبة في
الارتباط الشرعي، فلماذا هذا التجريم والتشنيع بأبواب الحلال مع التيسير
والترحيب بالعلاقات المحرمة، تحت مسميات الحرية وغيرها؟!! لماذا هذا
الانقياد الأبله لقرارات وبنود المؤتمرات الدولية للمرأة، والتي لم تستطع
معها أميركا أن تنقذ ثلث مراهقاتها من الحمل المنتهي بالإجهاض أو
الولادة؟! تتعامل الحكومات الأوروبية مع لويزا كيلي ـ 14 عاما- التي أجهضت
لثلاثة أعوام متتالية ومثيلاتها من المراهقات الحوامل والتي ترتفع أعدادهن
بنسب قياسية، بتوزيع موانع الحمل على الأطفال وتعليمهم الوقاية عند
الممارسة!! فلماذا نخجل نحن من التعامل مع مشكلاتنا وفق معاييرنا
الإسلامية.
إن كنت أتمنى تيسير الزواج أمام الراغبين فيه عموما، فإني أؤكد تحديدا
اعتراضي الشديد على سنّ القوانين التي تمنع الزواج المبكر أو تحاربه بأية
وسيلة كانت.